هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

جمعة الشــوان .. احمد الهوان

اذهب الى الأسفل

جمعة الشــوان .. احمد الهوان Empty جمعة الشــوان .. احمد الهوان

مُساهمة من طرف mad السبت فبراير 25, 2012 12:57 am

جمعة الشــوان .. احمد الهوان Gom3a_10


اسمه الحقيقي// أحمد محمد عبد الرحمن الهوان من مواليد مدينة السويس .. ولد في اسرة مكونة من سبعة ابناء واب وام كان ترتيبه الخامس بين اخواته .. ومع انه ليس الكبير.. الا انه تحمل مسئولية رعاية الاسرة مع ابيه وهو في الرابعة عشرة وبعد حصوله على الشهادة الاساسية.. وفي فترة قصيرة اصبح من الافراد الهامين في مجال اعمال الميناء والبحر, وعرفه الاجانب واختلط بهم حتى تعلم عدة لغات في سنوات قليلة, واطلق عليه السوايسة في الميناء: الشاطر.. وكان صاحب ومدير شركة سياحية ولم يكمل بعد عامه التاسع عشر. وبعد قرارات التأميم التي شملت شركته تم تعيينه رئيسا لقسم الاشغال براتب كبير في ذلك الوقت هو 48,75 جنيها مصريا. لم يطق العمل الحكومي وراح يجتهد حتى استطاع ان ينظم عدة رحلات ترفيهية لاطقم السفن التي كانت ترسو على ميناء السويس, ومدها بالمواد التموينية.. ولكن الشركة فتحت فرعا في بور توفيق وعينوه مديرا لادارته.



بداية :


يروي لنا البطل أحمد الهوان أن نشاطه كان بمعرفة ومباركة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.و يكشف كذلك في حكايته المثيرة كيف وضع الموساد في طريقه 111 من اجمل الفتيات على اطباق حمراء لاغوائه وذلك قبل ان يغدق عليه الاموال طيلة عشر سنوات قضاها في اوروبا لكن رغم كل الاغراءات عجز الموساد عن شراء وطنية احد ابناء هذا الوطن الطيب الممتد من المحيط الى الخليج الذي اختار بدلا من الخيانة الطريق الاصعب وهو تضليل عملاء الموساد وايقاعهم في حبائل المخابرات المصرية شارعا في رسم ملامح ملحمته الوطنية الخاصة. في شقته بوسط القاهرة التي كانت غرفة عمليات لأقوى عملية تجسس مزدوج لصالح مصر.و يتابع هذا الكلام معرفة الخلفية التاريخية لقصة التجسس التي لا يتردد في وصفها برحلة الموت.




البدايــــة

تأتي في يونيو 1967 وهذه الحرب الشرسة التي حولت السويس الى مدينة اشباح بسبب الغارات التي دمرت كل شيء واخذت في طريقها اللانش الذي بنيته بعرقي ودمي, ولم تترك سيارتي وبيتي. واصبحت لا املك شيئا, وكان التهجير, هذا اللفظ الذي مازال يرعبني ويتعسني حتى اليوم.. وفي القاهرة راحت الايام تقذف بي, وانا الهث وراء لقمة العيش دون جدوى.. وفي احدى الليالي وانا جالس محطم محبط تذكرت مبلغا من المال كنت ادين به لصاحب شركة البحر الاحمر في اليونان كنت قد امددته بقيمته مواد تموينية لاحدى سفنه, وكان مبلغا كبيرا 2000 جنيه استرليني. ويعيد الهوان الجملة بطريقة اخرى 2000 جنيه استرليني لدى الخواجه (باماجاكوس) في اليونان.. تستحق السفر.. فقد كان هذا المبلغ في ذلك الوقت ـ في عام 1968 ـ يساوي ثروة كبيرة يمكن ان يبدأ بها الانسان مشروعا ليس صغيرا. يلتقط الهوان انفاسه ويرشف قليلا من الماء ويستمر في الحديث: سافرت الى اليونان مع صديق لي.. ولم نكن نملك سوى 22 دولارا لكل منا 11 دولارا وهذا كل ما كان يسمح به للمصريين المسافرين للخارج وحين وصلنا اليونان وسألنا عن باماجاكوس كانت الصدمة.. انه ليس بالبلاد, ولكنه سيأتي بعد اسبوعين دارت بنا الدنيا, فما نملكه من مال لا يكفي (عيش حاف). وكنا نقيم في فندق متواضع. ولكنه التهم كل ما نملك في اقل من اسبوع وبعده سرنا نستدين من الفندق حتى يأتي الفرج ومعه (باماجاكوس) وكدنا نساق للشرطة التي هددتنا ادارة الفندق بها, وذهبنا هائمين على وجوهنا نبحث عن فتات العيش في القمامة, واذا بأحد الافراد يسألنا عن كوكايين, ووجدت الفرصة, فاشتريت اسبرينا وفلفلا ابيض وطحنتهما واعطيته هذا المسحوق الذي اشتراه بستمئة جنيه كانت كفيلة بأن ترد ديننا ونأكل منها حتى عودة الخواجة باماجاكوس, وبعد الاسبوعين جاء الخواجة الذي لطمني بقوله انه لا يملك المال لأنه تعرض لهزة كبيرة. فقد غرقت احدى سفينتيه, والاحوال ليست على ما يرام, ووعدني بأن يرد لي بعض الدين مع ضمان العمل على السفينة, ولم يكن امامي سوى الاستجابة ويستطرد الهوان: ما باليد حيلة..: وللأسف لم يوافق على الحاق صديقي بنفس العمل بل الحقه بعمل آخر.. وافترقنا ولم اره حتى اليوم.


فعلا .... انطلقت السفينة حتى وصلنا الى بريستون في اول رحلة من اليونان وانا في العمل. واصدقك القول انني كنت سعيدا جدا لأنني طالما حلمت بالسفر الى اوروبا بلاد الاجانب الذين كنت اقابلهم كثيرا.. تعرفت على شاب يوناني على السفينة يدعى ديموس اصطحبني لشوارع بريستون بعدما رفض القبطان اعطائي اية نقود (لأنني حديث) على السفينة. فاعطاني ديموس عشرة جنيهات استرليني مقابل قيامي بالترجمة له اثناء حديثه مع الاجانب فلم يكن يعرف سوى اليونانية؛ وذهبنا الى احد البارات.. وجلسنا واذا بشاب اسمر يرمقني بطريقة ملفته.. لدرجة انني اعتقدت انني ربما اشبه احد معارفه, وقبل ان ابادره بالسؤال سألني عن اسمي في محاولة للتعارف فتعرفت عليه واعطيته بطاقة هوية مكتوبا عليها اسمي وعملي كمدير شركة ابوسنبل السياحية, فأبدى الشاب مزيدا من الاهتمام وسألني ولكن ماذا تفعل هنا, فقلت له بقليل من الحرج: حال الدنيا فانا عامل على احدى السفن اليونانية, فاستنكر الشاب هذا وعرض علي وظيفة بـ الف جنيه استرليني مع الاقامة والطعام باحدى الشركات وودعني على امل اللقاء في اليوم التالي. يقول الهوان: لم اذق طعم النوم في هذه الليلة ورحت انسج من خيالي قصصا.. اذ ان مبلغا كبيرا كهذا كفيل بأن يعيد اليّ كل ما فقدت من ثروة ومركز. وفي الصباح الباكر اسرعت الى ديموس ليصحبني الى نفس البار لنلتقي بالشاب الاسمر الذي لم يأت رحت انتظر ساعة وراء ساعة دون جدوى.. واثناء شرودي واحباطي اذا بالجرسون يقدم لنا كأسين من الويسكي واشار بيده الى فتاتين تجلسان على المائده المجاورة.. احداهما ذات جمال, لا يوصف لم اره من قبل, ولكنني قرأت عنه فقط.. قرأت عن الحوريات وهي قطعا منهن.. ابتسمت لي واشارت بكأسها ولكنني لم اكن اشرب الخمر, ولم اكن في حالة نفسية على ما يرام كما انني لم اكن املك سوى عشرة جنيهات استرليني لا تكفي لشيء, وحين لمحت (الفتاتان عدم شربي الويسكي انتقلتا للانضمام لمائدتي ومعي ديموس, قالت الاولى انا (جوجو) وصديقتي (ماري) وسألتني لماذا لا تشرب هذه دعوة.. فقلت لها ولكنني لا املك ما ادعوك عليه.. فاطلقت ماري ضحكة عالية وقالت هذه جوجو ابنة اشهر رجل اعمال ومليونير في مانشستر, وانا امتلك اربعة محلات سوبر ماركت.. قلت لها بحمية الشرقيين ولكنني لابد ان اقدم لكما الشراب.. فتدخلت (جوجو) بخفة تخلب العقول لنخرج من هذا المكان.. ولكن قبل ذلك لننزل الى الدور الاسفل. ذهبت معها انا وديموس.. واذا بي ارى الشاب الاسمر الذي تجاهلني تماما.. ورأيته يعطي جوجو حقنة مخدرات.. فاقتربت منه وسألته, ولكنه اسرف في تجاهله لي.. مما اشعرني بدهشة وغيظ في نفس الوقت.. وفي هذه الاثناء جذبتني جوجو من يدي بعدما وضعت في جيبي كمية من النقود لم اتبين عددها, وقالت بضحكة عالية: حتى لا تغضب, يلتقط الهوان انفاسه ويقول اذا حكيت الاحداث التي مرت بنا وجوجو منذ هذا اللقاء لا تكفي الدفاتر ولكن باختصار.. تطورت العلاقة بيننا وصارت قوية جدا لدرجة انها عرضت عليّ الزواج.. بل حددت موعدا للقاء مع والدها في مانشستر, واحضرت لي حقيبتين مليئتين بأفخر الملابس منها بدلة انيقة تليق بلقاء مليونير وعلمتني اصول البروتوكول في مثل هذه المناسبات. لم تستغرق مقابلتي لأبيها اكثر من نصف ساعة كانت الخلاصة انه موافق من حيث المبدأ على الزواج شريطة ان تقيم معه في فيلته وان اعمل باحدى شركاته براتب شهري الف جنيه استرليني.. فكان عليّ ان اقول انني متزوج ولدي ابنة وابن فقال ومن قال لك انك ستتركهم, سوف ترسل لهم نقودا وكل ما يحتاجون اليه.. يضحك الهوان بسخرية قائلا: كم كان كريما!! ويكمل حديثه: ثم سألني والد جوجو عن اتجاه السفينة التي اعمل عليها قلت له الى روسيا ولكنه قال: بل الى كوبنهاجن, وكم اندهشت حين اتجهت السفينة فعلا الى كوبنهاجن. وهناك وجدت جوجو تنتظرني على رصيف الميناء, واخذتني لنقضي الوقت معا حتى ابحار السفينة, وفي كل رحلة كانت تكرر الحكاية تماما, كل ميناء اصل اليه اجدها في انتظاري ونقضي اليوم معا. حتى وصلنا في احدى المرات الى ميناء بلفاست بأيرلندا الشمالية وكانت مشتعلة بالحرب الاهلية ومحظور التجول في شوارعها. فلم ابرح السفينة وشوقي الى جوجو يكاد يقتلني فاهتديت الى الاتصال بها تلفونيا. واذا بصوت يأتيني قائلا: انا شقيقة جوجو.. لقد ذهبت الى امريكا للزواج (يتلون وجه الهوان وكأنه يسترجع الحوادث وردود افعالها ايضا ومشاعره) ويقول بصوت هادئ: لقد دارت الدنيا بي فلم ابال بالبرد القارس وقفت على ظهر السفينة كالمجنون لماذا خدعتني. لماذا كان ابوها متجاوبا واعطاني هذا الامل الكبير.. ولم اشعر بنفسي الا وقد اصابتني الحمى.. حمى البرد والحزن.. ولم افق من غيبوبتي إلا بحقنة الطبيب.. وصوت جوجو وصورتها أمامي بشحمها ولحمها, وقالت معتذرة: هذه السيدة ليست شقيقتي بل صديقة وقد أخطأت !!!


بدأت الشكوك تظهر

طبعاً الضوء الأحمر بدأ يضيء داخلي وبدأت الشكوك والاستفسارات العديدة تقفز إلى ذهني: ما هي علاقة الضمانات بأسماء وكبار الشخصيات من الأهل؟ وما علاقة جوجو بهذا المكان الذي أعطتني عنوانه والتقيت فيه بأبراهام وجاك؟ ولماذا حاول ابراهام أن يتسلل بيده في جيب البالطو الخاص بي؟ وما قصة هذا العمل والعرض المغري المفاجئ؟ وأخيراً لماذا طلبوا مني أن اترك الأسماء مع راشيل وهي التي من المفروض ان تعرفنا عليها بالصدفة. * كيف تصرفت وما رد فعلك؟ ـ جلست على منضدة صغيرة وبدأت في كتابة أسماء حقيقية عن عائلتي ومعارفي وتعمدت كتابة أسماء بعض العسكريين من بينهم لواء يشغل مركزاً مرموقاً بإحدى محطات الصواريخ المصرية وتركت الورقة مع راشيل وعدت إلى السفينة وأنا على يقين من أنني وقعت فريسة لإحدى دوائر التجسس أو أجهزة المخابرات وطبعا لم أكن أعرف ولم أسمع عن شيء اسمه (الموساد) ولكن كل هذه الأحداث وأسماء ابراهام وجاك تشير إلى أنهم يهود..

و لم يكن لدي فرصة للهرب و إلى أين أهرب والغربة صعبة.. ثم أن جواز سفري مع القبطان ولابد حتى أعود لبلدي أن أحصل على الجواز, ولم يكن أمامي إلا تنفيذ ما اتفقت عليه مع ابراهام وجاك, وصعدت إلى ظهر السفينة وافتعلت خلافاً مع أحد أفراد الطاقم وضربته ضرباً مبرحا, ولكن القبطان الذي كان يحبني لم يستدع الشرطة, ولم تفلح الحيلة, فسألت القبطان مباشرة أن يسلمني جواز سفري لأتمكن من مغادرة السفينة. ولكن أجابني بأن السفينة ستتجه إلى النرويج وهناك سيكون البديل ويمكن أن تتسلم جواز سفرك.. هكذا قال لي القبطان, وذهبت محبطاً لاحكي لأبراهام وجاك. فقال ابراهام ان السفينة ستتجه إلى الدنمارك.. وهنا بدأت شكوكي تتحول إلى يقين عندما رست السفينة في أحد موانئ الدنمارك.

وهناك نزلت إلى رصيف الميناء لأجد ابراهام يستقبلني بحرارة, وأخبرته أن القبطان قال لي أن البديل لم يتوفر فأخرج ابراهام من جيبه خطابا عليه طابع مصري بخاتم مصري ومكتوبا عليه اسم الراسل (أم الهوان) يقول الهوان: أدركت الخدعة وأخذت الخطاب وذهبت إلى القبطان منهاراً وقلت له أمي بين الحياة والموت ولابد أن أسافر لأراها... ويستدرك الهوان قائلاً: أمام هذه الحالة الانسانية وافق القبطان على تسليمي جواز سفري والسماح لي بمغادرة السفينة. وما أن امسكت بالجواز حتى طرت إلى ابراهام, وفي إحدى السيارات قريباً من الميناء جلسنا وهنأني على تسلمي جواز سفري وفوجئت به يخرج من جيبه لفة نقود. قلت له.. ما هذا.. قال خمسة الاف استرليني راتب شهر مقدماً.. وطلب مني أن أستقل القطار من كيلي إلى بريمن.. وهناك ـ الكلام لابراهام ـ ستجد في مواجهة محطة القطار فندق كولومبس وجناحاً محجوزاً باسم مسيو عبدالرحمن.. انتظرني هناك... ويمضي الهوان في كلامه قائلا: ودعني ابراهام وخرجت ابحث عن سيارة أجرة تصحبني لمحطة القطار فوجدت سائق تاكسي يقف أمامي ويسألني عن وجهتي فقلت إلى محطة القطار فعاد وسألني إلى أين ستسافر قلت له إلى بريمن فقال ماذا لو أوصلتك مقابل مائة دولار, وكنت أعرف أن تذكرة القطار قيمتها 120 دولارا فوافقت, وفي الطريق راح يدعوني على مشروبات ومأكولات بأكثر من مائة دولار.. ولم يكن هناك أدنى شك أن هذا السائق تابع لأبراهام !!!


بداية عرض العمل


ويمضي الهوان في سرد الأحداث وصلت الفندق وسألت عن الجناح المحجوز لي باسم مسيو عبدالرحمن, فاصطحبني عامل الفندق إلى جناحي وإذا بي لا أجد أي أثاث وقبل ان أبدي دهشتي وجدت العامل يمسك بريموت كنترول ويقوم باخراج الاثاث من الحائط.. ويقول الهوان: رغم انبهاري الشديد إلا أن التوتر كان مسيطرا على كل حواسي من هذا المجهول الذي ينتظرني.. وعدم تمكني من الفكاك مما وقعت فيه.. ويكمل الهوان: في اليوم التالي استيقظت على طرق ابراهام وجاك على باب غرفتي ومعهما العامل يحمل ما لذ وطاب من طعام.. فاستقبلتهما بشعور غريب جداً ولكنني حاولت جاهدا أن أكون طبيعياً.. ورحنا نتناول الافطار ولم أستطع منع نفسي من الشرود.. الذي قطعه جاك بقوله بالعربية الركيكة: (عشان يبقى فيه عيش وملح) رغما عني لم أستطع التجاوب معه بل ذهبت بفكري الى السويس حيث القتلى والخراب والدمار ووجدتني اقول في نفسي عيش وملح معكم يا سفاحين! كيف ومرة اخرى يقطع شرودي ابراهام الذي بادرني بالقول: لابد أنك تفتقد الاسرة وهنا افقت وخشية ان يقرأ احدهما افكاري.. قلت له متصنعا الاسى: فعلا وحشوني قوي فهذه اول مرة ابعد عنهم.. فتدخل جاك قائلا: سوف تراهم يا هوان, وقبل ان ابدي دهشتي او اتساءل كيف اكمل قائلا: انت تعرف اننا نمتلك شركة للحديد والصلب ونرغب في افتتاح فرع لها في مصر.. وستتولى انت ادارته, نريدك ان تفتح مكتبا في ارقى شوارع القاهرة بطاقم سكرتارية يجيد اللغات.. كما تعلم فان الراتب الشهري خمسة الاف استرليني ومصاريف للمكتب ألف استرليني للعام كله..

كنت انتظر منهما الافصاح عن حقيقتهما, ولكن الذي حدث انهما لهم يعطياني فرصة لمجرد التعليق اذ راحا يتكلمان بشكل متواصل كل واحد يلتقط من الاخر الكلمة ويكمل.. فبعدما تحدث جاك عن مكتب القاهرة.. تدخل ابراهام قائلا هناك العديد من السفن المحتجزة في البحيرات سيتم بيعها في مزاد علني عالمي.. نريد كل شيء عن هذه السفن, الاطوال والاحجام, وما تقوم بشحنه. وكل التفاصيل الخاصة بها.. لاننا ننوي الدخول في المزاد وشراءها, والتقط جاك الكلمة مشيرا الى حقيبة وقال: في هذه الحقيبة (185) الف دولار مصاريف فتح المكتب وتأثيثه, كما اشار الى حقيبتين كبيرتين قائلا: وهذه الحقائب بها ملابس وهدايا لزوجتك وابنائك, واختتم جاك كلامه قائلا: هل أنت مستعد للقيام بأول مهمة فمسألة السفن هامة جدا.. اجبته متظاهرا بالزهو والسعادة: يا عزيزي بالتليفون تكون كل التفاصيل لدي منطقة القناة كلها تحت امري.

يصمت الهوان برهة مسترجعا تلك الاحداث ثم يطلق ضحكة كلها مرارة ويقول: لم انسى !! ان هذه الاحداث التي مر عليها اكثر من ثلاثين عاما لم تتركني لحظة, بل لم انس منها اي تفصيلة وكأنها حدثت بالامس.. ويعتدل الهوان في جلسته ويسترسل مستكملا ما حدث قائلا: لقد تركاني ـ يقصد ابراهام وجاك ـ يومين لانعم باجازة اقضيها في مرح وسهر.. ولكنني لم انعم حتى بنوم هادئ لدقائق فقد بات كل شيء واضحا وضوح الشمس. في اليوم الثالث حضر ابراهام وجاك واوصلاني للمطار وقالا لي سنراك في فرانكفورت حيث ترانزيت الطائرة.. وفعلا وصلت الطائرة لمطار فرانكفورت وهناك تقابلت معهما ليبديا مزيدا من التأكيد والاهتمام على مهمتي !!!


ويستدرك الهوان قائلا: لقد كانت رحلتي من فرانكفورت الى القاهرة من اسرع ما يمكن فقد شرد ذهني وراحت تتراقص امامي العديد من الاحداث متشابكة معقدة بداية من السويس وايام الرغد قبل الحرب, ثم هذه الحرب المدمرة وهؤلاء الصهاينة المتوحشون الذين اتوا على كل اخضر ويابس وقتلهم الاطفال والنساء قبل الرجال.. وفي غمرة تفكيري وشرودي سمعت المضيفة تعلن عن وصول الطائرة لمطار القاهرة وتطلب ربط الاحزمة.. ولم أكن اصلا فككت هذا الحزام منذ ركوب الطائرة. نزلت من الطائرة مسرعا..

وفي الدائرة الجمركية تم تفتيشي وتفتيش حقائبي.. والغريب انهم لم يجدوا الـ (185) الف دولار فقد قام ابراهام باخفائها بطريقة جهنمية. استقليت (تاكسي) من المطار واسرعت لاولادي وزوجتي الذين جمدتهم المفاجأة السعيدة بقدومي دون اخبارهم مسبقا.. وفي اليوم التالي زرت ابي وامي في الصعيد حيث استقروا فيه بعد التهجير, وكنت اشعر بالعبء الثقيل الذي احمله على صدري, ورحت افكر كيف اتخلص من هذا العبء الجاثم فوق قلبي ويشل تفكيري حتى اهتديت الى الاجابة: لابد من الذهاب الى الزعيم الاب فحتما هناك سأجد الراحة والامان والسكينة و هو الرئيس جمال عبد الناصر طبعا.. ولكن المشكلة الكبرى كانت.. كيف اصل؟! وقضيت ليلة مؤرقة, لم يغمض لي جفن.. افكر في السبيل الى الرئيس..

حتى اهتديت الى فكرة ربما افلحت, وهي الذهاب الى مبنى المباحث العامة وفي الصباح الباكر اخذت الحقيبة ذات الـ (185) الف دولار وذهبت الى احد المقاهي وسألت عن مكان المباحث العامة وعرفت انها بوسط المدينة وهناك على البوابة سألت عن رئيس المباحث العامة.. وبالطبع لم يكن الوصول اليه سهلا.. بل استغرق ساعات حتى سمحوا لي بمقابلته, وهناك سألني ماذا تريد؟ قلت له اريد مقابلة الرئيس جمال عبدالناصر فضحك ساخرا وامطرني سبابا ولماذا؟ فتمالكت نفسي وقلت له لدي معلومات تهم البلد اريد ان ابلغها لسيادته شخصيا. فقال الضابط الكبير وهل الرئيس متفرغ لامثالك.. قل لنا ماهي هذه المعلومات وسوف نتصرف فأصريت على موقفي.. فما كان من رئيس المباحث الا ان سلمني لمرؤوسيه ليقوموا بالواجب معي.. ويضحك الهوان بأسى قائلا: وامضيت معهم ثلاثة ايام في ضيافتهم.. ولم انطق سوى بكلمتين: اريد مقابلة الرئيس.. حتى أعياهم ألحاحي واصراري فاتصلوا بمكتب الرئيس وكان رئيسه وقتذاك سامي شرف, فطلب منهم ارسالي للرئاسة, فذهبت في حراسة من المباحث ومعي الحقيبة التي لم يكتشف احد ما فيها, وهناك سألني سامي شرف عن سبب طلبي الملح في مقابلة الريس, فأجبته لقد حاولوا معي ثلاثة ايام بلياليها ولم اقل شيئا.. واذا حاولت سيادتك ثلاث سنوات لن أقول شيئاً الا امام الرئيس فذهب شرف للرئيس جمال عبدالناصر يستأذنه في مقابلتي.. وجاءني شرف ليقول باحترام تفضل يا سيد هوان.



عبدالناصر اعطاني رقم هاتفه الخاص واحالني الى المخابرات


يقول الهوان انه عندما وصل الى مدير مكتب عبدالناصر للمعلومات سامي شرف وطالبه بمقابلة عبدالناصر قام شرف باستئذان الرئيس في المقابلة فوافق وهنا استأذن سامي شرف الهوان في تفتيش الحقيبة التي كان يحملها معه وبداخلها الدولارات ويضيف الهوان: وافقت على تفتيش الحقيبة. فقد كنت اعرف جيدا انه لن يستطيع الحصول على شيء لأن المباحث قامت بتفتيشها اكثر من مرة ولم تفلح في العثور على النقود, وبالفعل لم يجد سامي شرف شيئا فأعطاني الحقيبة ودخلت لمكتب الريس.
فوجئت بنفسي امام الريس جمال عبدالناصر بشحمه ولحمه بعيدا عن الصور المعلقة على الجدران فتلعثمت وكادت انفاسي تنقطع, ولاحظ الريس ذلك فوضع يده على كتفي مهدئا وقال مرحبا: اهلا يا سيد هوان, وطلب لي عصير ليمون وله فنجان قهوة, وكنت في امس الحاجة لهذا العصير حتى ألملم نفسي وارتب افكاري ـ يكمل الهوان كلامه وقد تحشرج صوته بالبكاء ويستدرك قائلا لم انس هذا اليوم في حياتي, ولولا هذه المقابلة ما كنت قمت بأي عمل, فقد كانت هذه المقابلة دفعة قوية لي.
نبذة
عن ما حدث للهوان بعد سماع نبأ وفاة الرئيس جمال عبد الناصر (رحمه الله)


يقول و هو يجهش بالبكاء :
كنت في امستردام في احد الفنادق الفاخرة وجاء الخبر على التلفزيون ولسوء حظي كان هناك اعداد من السائحين الاسرائيليين الذي راحوا يحتفلون بهذه المناسبة باقامة حفل كرنفالي وانا معهم واخذت في الشرب والضحك لدرجة البكاء, وفي الحقيقة كنت ابكي بجد بل كان قلبي يتمزق, فموت عبدالناصر كان بالنسبة لي موت مصر بأسرها, وكان علي ان اتصنع السعادة, وفي اول فرصة للافلات منهم اسرعت الى غرفتي بالفندق وفي احد الاركان رحت في بكاء حار تحت ملاءة خشية ان يراني احدهم لدرجة انني مزقت باسناني الملاءة.
ويستدرك الهوان باكيا: لقد مات الاب, ومات الرمز ـ


عودة لاستكمال الحديث مع البطل أحمد الهوان


بصعوبة يحاول الهوان التماسك قائلا: قصصت على الريس كل ما حدث بداية من السويس, مرورا باليونان حتى محطات اوروبا المليئة بالاحداث ثم قدمت له الحقيبة مؤكدا ان بها (185) الف دولار.. مشيرا الى ما حدث في المباحث وكيف فشلوا في العثور على المبلغ رغم تفتيشها مرات عديدة, فطلب مني الرئيس ان افتحها كما علموني ليشاهد بنفسه كيف تم الاخفاء. ثم سألني ولماذا لم تفتحها للمباحث فقلت له لاقدمها لسيادتك فلم يكن ببالي ان اصطدم بالمباحث... فضحك الرئيس ووضع يده على رأسي قائلا بصوت حنون: لا تغضب فهذه المباحث العامة ثم قال ـ رحمه الله ـ سأرسلك الى رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه.. لان ما حدث معك بالفعل شغل موساد.. وأوصاني ان اقص عليهم كل شيء كما فعلت معه. وودعني بعدما شكرني على موقفي مربتا على كتفي بحنان الأب مؤكدا على عدم اغفالي اي تفاصيل ثم اعطاني رقم هاتفه الخاص وقال اذا اردت اي شيء فاتصل بهذا الرقم وساكون قريبا منك.. ولا تنس ان مصر بحاجة إلى امثالك.. وتدمع عين الهوان ـ ويقول بصوت متحشرج: هذه الكلمة وحدها هي التي جعلتني اصمد كل هذه السنوات


المخابرات العامة المصرية


ويمضي الهوان في الحديث قائلا: ذهبت من الرئاسة بسيارة خاصة الى مبنى المخابرات العامة بكوبري القبة وهناك طلب مني الضابط ان اكتب كل ما حدث لي بالتفصيل.. فجلست لساعات اكتب كل شيء.. ثم طلب مني ان اقص كل شيء.. وبالفعل اعدت ما كتبته بالتفصيل ثم سلمت الحقيبة المليئة بالدولارات وصور جوجو وخطاباتها وثلاثة عناوين كان ابراهام اعطاها لي في النمسا, والمانيا, ولندن لارسل على احدها خطاباتي ثم طلب مني الضابط المصري عنواني وعناوين اسرتي.. ووعدني بلقاء بعد اسبوع. ويضيف الهوان قائلا: لاول مرة اشعر بالراحة وان حملا ثقيلا ازيح من على صدري ويكمل الهوان الحديث قائلا: عدت للمنزل بعد غياب ثلاثة ايام لاجد زوجتي قد اخذت الاولاد وسافرت الى الصعيد عند ابي لتسأل عني وهي في قمة القلق, فذهبت على الفور الى هناك لاتعلل لهم بانني ذهبت الى السويس بعد الحصول على تصريح ثم ذهبت الى الدقهلية لتوصيل خطابات خاصة باصدقائي من اوروبا.


موعده مع المخابرات وماذا تم هناك


قال الهوان: ارتديت افخر ملابس وذهبت مسرعا الى سراي القبة وغادرت التاكسي بعيدا عن مبنى المخابرات ثم تسللت بعدما تأكدت تماما عدم وجود اي عيون ورائي, وفي مكتب احد القيادات الكبيرة جاءني صوت الضابط الكبير بتودد كيف حالك وحال فاطمة والاولاد والعائلة.. ثم قال لي بصوت قاطع هل تعلم ان مهمتك صعبة ولابد ان تكون قادرا عليها والا فلتصارحني من اولها. يقول الهوان: وجدني اقول بحماس سأفعل اي شيء من اجل مصر فطلب مني ان ابدأ فورا في البحث عن مكتب كما طلبوا مني .. وبالفعل خرجت من مبنى المخابرات الى وسط البلد وبحثت عن شقة فاخرة في عمارة راقية وبالفعل وجدت شقة في احدى العمارات الشهيرة في القاهرة وافتتحت المكتب وقمت بتأثيثه بأفخر الاثاث واطلقت على المكتب شركة (تريديشن) . وقمت باختيار طاقم من السكرتارية التي تجيد العديد من اللغات.


نشاط الشركة



بالطبع لم يكن هناك نشاط, وحتى لا يكتشف احد انها شركة وهمية قمت بتفريغ اسماء وعناوين وتليفونات السفارات الاجنبية بالقاهرة وطبعت مجموعة من الفواتير تحت دعوى انها فواتير نقل عفش السفارات, وقمت بتوزيع هذه الفواتير على العاملين بالمكتب لملئها .. ثم كنت اقوم بجمعها لحرقها بالمنزل, ويضيف الهوان: واستمريت على هذا الوضع حوالي عشرين يوما حتى جاء موعدي مع الريس زكريا او الضابط المصري الكبير وكان اسمه (الحاج احمد) وهناك طلب مني ان ابعث بالرسالة الاولى.


نصها كان كالآتي: اخي العزيز / محمد سليم بعد التحية الطيبة التي ابعث بها من قلب مصر, وبعد ان اطمئنك على جميع الاهل والاقارب والاصدقاء, واتمنى ان تكون بصحة جيدة, والحقيقة يا صديقي ان الحياة هنا صعبة وحالة السوق لاتدعو للطمأنينة فكما انت تعلم لم اجد حتى الآن فرصة عمل لذلك اتمنى ان تبحث لي عن فرصة عمل لديكم وتبعث لي بالتذكرة واي مبلغ مالي يساعدني على الوصول اليكم .. على فكرة يا محمد الاهلي هزم الزمالك و جماهير الزمالك على المقهى لايحضرون جلساتنا اليومية بعد هزيمتهم الاخيرة.
تحياتي واشواقي وقبلاتي اخوك .. احمد الهوان ثم كتبت على الرسالة عنوان ابراهام في لندن.

معنى هذه الرسالة
تعني انني قمت بتأثيث المكتب واصبح جاهزا للعمل.

بعد عشرة ايام جاءني الرد من محمد سليم وتذكرة باخرة ومئة دولار في رد الرسالة يقول محمد سليم ـ وهو ابراهام ـ لقد وجدت لك فرصة عمل ونحن في انتظارك.
بالطبع ذهبت الى الحاج احمد بالمخابرات واعطيته الخطاب فراح يشرح لي ابعاد اللعبة, وطمأنني ان كل شيء يسير وفق مايريدون وطلب مني ان اسافر بعد تجهيز اوراقي بنفسي دون الاعتماد على المخابرات حتى يسير كل شيء طبيعيا.

يروي لنا الهوان الآن بعض ما تم معه خلال 11 عام من الخداع و العمل كعميل مزدوج


تولت المخابرات المصرية تدريبي وتوجيهي وكان لها الفضل بعد الله سبحانه وتعالي في نجاح مهمتي نظرا للكفاءة العالية التي استخدموها معي في التدريب وحرصهم الشديد على حياتي.
و حذرني ضباط الموساد عام 1967 من أن اشتري سيارة غالية الثمن بمجرد عودتي إلي مصر.

و كانت أصعب المواقف التي واجهتني أثناء قيامي بتلك المهمة الصعبة :

1- في عام 1968 سافرت إلى هولندا لمقابلة بعض رجال الموساد في بداية عملي معهم.. لم أكن أعلم أنهم سيضعونني في اختبار صعب للتأكد من ولائي لهم.. زعموا أنهم شاهدوني في مبنى المخابرات العامة المصرية في القاهرة وحبسوني في حجرة بأحد مزارع أمستردام وأحضروا 12 رجلا قوي البنيان قسموهم إلى ثلاث مجموعات كل مجموعة 4 أفراد وتناوبوا الاعتداء علي حتى أعترف بالحقيقة، كان يغمي علي من شدة الضرب وصمدت رغم شدة الألم بعدها تأكدوا من سلامة موقفي ونجحت في خداعهم..

2- كما ان هناك موقفا لن أنساه عندما كنت واقفا على خط بارليف في الضفة الشرقية من قناة السويس التي كانت في هذا الوقت محتلة بقوات اسرائيلية وشاهدت بيتي ومكتبي في الضفة الغربية في مدينة السويس يقصف بالدبابات وذلك أثناء حرب الاستنزاف... حاولت تمالك نفسي وخشيت أن تسقط دمعة من عيني حزنا على الدمار الذي لحق ببلدي وبيتي فينكشف أمري أمام الإسرائيليين.. وقتها دعوت الله أن يلهمني الصبر والصمود فكان الله في عوني وبدلا من أن تتساقط الدموع من عيني فتفضحني.. سقطت من فمي وكان طعمها علقم فمسحتها وحمدت الله.

وقت معركة 6 أكتوبر :

بعد نجاح القوات المصرية في عبور قناة السويس وتحرير التراب المصري وإلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي كنت وقتها في أجازة قصيرة بمصر وبعد العبور بثلاثة أيام وتحديدا يوم 9 أكتوبر 1973 وصلتني رسالة من الموساد تطلب مني الحضور فورا إلى البيت الكبير (تل أبيب) تملكني الخوف وشعرت بأن أمري انكشف وأنهم طلبوا حضوري للانتقام مني وقتلي هناك.. وبعد مشاورات مع رجال المخابرات المصرية وتدخل الرئيس الراحل أنور السادات الذي تولى وقتها رئاسة مصر خلفا للراحل جمال عبد الناصر وافقت على السفر إلى تل أبيب. سافرت إلي ايطاليا ومنها إلى تل أبيب.. استمرت الرحلة 12 ساعة وصلت بعدها إلى مطار بن جوريون بتل أبيب. وفور وصولي إلى تل أبيب تقابلت مع شيمون بيريز رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، وعايزرا وايتسمان، والياعاذر الذين أكدوا لي أن أمريكا لن تسكت على ما حدث وأن هناك ترتيبات أخرى سوف نعد لها سويا.. وقد تظاهرت أمامهم بالحزن العميق بسبب الهزيمة باعتباري إسرائيليا كما أبديت لهم حزني على ضياع منصب محافظ السويس الذي وعدوني به عندما يدخلون القاهرة منتصرين في الحرب.

المهمة الجديدة التي كلفتني بها المخابرات الإسرائيلية آنذاك

اصطحبوني إلى داخل احدى قاعات العرض السينمائي وبواسطة شاشة عرض كبيرة شاهدت دبابات وطائرات ومدافع.. وتكرر هذا العرض عدة مرات أمامي حتى أحفظ شكل تلك الأسلحة حتى إذا ما عدت إلى مصر وشاهدت هذه الأسلحة هناك أبلغهم بها على الفور وبمكان تواجدها.. قاموا أيضا بتدريبي على جهاز إرسال خطير يعتبر أحدث جهاز إرسال في العالم يبعث بالرسالة خلال 5 ثوان فقط.. وحصلت على الجهاز بعد نجاحي في اختبارات أعدوها خصيصا لي قبل تسليمي الجهاز.. الذي تم إخفاؤه داخل فرشاة أحذية .. وأضاف أنّ بيريز قال للهوان، عندما رأي الجهاز مخبأ تحت شعيرات فرشاة أحذية جديدة "مين الحمار اللي وضع الجهاز هكذا؟ فرد عليه الهوان "حمار من عندكم"، وضحك الاثنان، ثم أخذ شمعون بيريز بعض "الورنيش" ووضعه على الفرشاة، وقام بتلميع حذاء الهوان عدة مرات إمعانا في الإخفاء قائلا: "هكذا تبدو الفرشاة مستعملة، ولا يشك فيك مأمور الجمارك بالقاهرة لأن مفيش حد بيشتري فرشة جزم جديدة من أوروبا ويحملها إلى مصر"!... وعدت إلى مصر بأخطر جهاز إرسال في العالم أطلقت عليه مصر (البطة الثمينة).

يستـــكمل الهوان قائلا :

الأموال التي حصلت عليها من الموساد طوال عملي معهم تجعل مني مليونيرا، لكنني كنت أسلمها للسلطات المصرية كما هي وبالطريقة التي تصلني بها، حتى يتعرفوا على طرق تمويل الموساد لعملائه في مصر.و كانوا يردونها لي بالجنيه المصري.
وأضاف الهوان "إنّ إسرائيل كانت تريد معرفة كل شيء عن مصر حتى النكت"، مشيراً إلى أنه كان يبيع النكتة للموساد بـ 250 دولاراً!.

وضعت روحي على كفي طوال 11 عاما خدعت خلالها الموساد وذهبت الى مراكز صناعة القرار بمقرهم الرئيسي في تل ابيب،
وأشار الهوان إلى أنه كان يعرف كل القيادات الإسرائيلية الحالية، ومن بينهم شيمون بيريز، وعيزرا وايزمان، مشدداً على قوله "صدقوني إحنا نستطيع عمل المعجزات بقوة الإيمان بقضيتنا".
كما جلست مع كبار رجالات مصر بدءا من الرئيس جمال عبدالناصر، ثم الرئيس أنور السادات، والمشير كمال حسن علي وأحمد اسماعيل ومحمد حافظ.

جوجو



وكشف الهوان عن قيامه بتجنيد فتاة المخابرات الإسرائيلية "جوجو"، التي ارتبطت معه بقصة حب بناء على طلب المخابرات المصرية، وقال إنها أعطت لمصر معلومات خطيرة من داخل الموساد.
ويوضح الهوان أنه قبل اعتزاله طلبت منه المخابرات المصرية احضار ضابطة الموساد جوجو إلى مصر حفاظا على حياتها "نجحت في ذلك. لا زالت تقيم هنا حتى الآن، وتقترب حاليا من الستين عاما، اعتنقت الاسلام وارتدت النقاب، وتزوجت مصريا، وأدت العمرة والحج مرتين، وانجبت ولدين وبنتا".
ويقول إنه أحبها كثيرا عندما قابلها لأول مرة أثناء محاولات تجنيده لصالح الموساد، ثم اختفت إلى أن التقاها في اسرائيل عندما ذهب إليها لأول مرة. "كانت جميلة وطيبة وفكرت في الزواج منها، وحتى عندما جئت بها لمصر كنت لا أزال راغبا في ذلك، لكني لم أفعل استجابة لتعليمات أمنية، حتى لا يتعرف عليها عملاء الموساد ويقومون باغتيالها.
ويضيف:جوجو لا تخرج كثيرا، ولا يعرف أحد زوجها ولا اسمها الحقيقي أو مكان اقامتها. الذين يعرفون مكانها ثلاثة فقط.. أنا والمخابرات المصرية وهي"... و نحن على اتصال دائم ببعض.
يضيف أنه مستهدف من الموساد إلى آخر العمر، هم لا يريدون نسيان خداعه لهم، كما أنهم يريدون رأس جوجو .. لكني لا أخاف من إسرائيل، طالما أنني بين أهلي في مصر لذلك قمت بشراء شقة اسكن فيها حاليا بجوار السفارة الإسرائيلية!، مشيرا إلى أنه كان يمتلك شقة في شارع "ديزنجوف"، أهم شوارع تل أبيب، ولكن الإسرائيليين استولوا عليها الآن .

وماذا كان رد فعل الاسرائيليين عندما اكتشفوا خداعك وبأنك تعمل لحساب المخابرات المصرية؟
- كانت أول رسالة ابعثها إلى إسرائيل بواسطة الجهاز الجديد هي "من المخابرات المصرية إلى رجال الموساد الإسرائيلي.. نشكركم علي تعاونكم معنا طيلة السنوات الماضية عن طريق رجلنا أحمد الهوان وإمدادنا بجهازكم الانذاري الخطير.. والى اللقاء في جولات أخرى".. علمت بعد ذلك بأمر انتحار 6 من أكفأ رجال الموساد الإسرائيلي فور اكتشاف أمري وهم الذين كانوا يتولون تدريبي طيلة فترة عملي معهم.

ومتى اعتزلت الجاسوسية .. وما هي أسباب الاعتزال؟
- عندما قررت الاعتزال، دعاني الرئيس أنور السادات لاتناول العشاء برفقته وبرفقة المشير أحمد اسماعيل، وقال لي "إذا طلبت منك مصر أن تضع رأسك تحت التورماي فافعل".. وهكذا قررت استمراري في العمل وسفري الى اسرائيل مرة أخرى، لكن بعد إصابتي في قدمي في حادث عابر بطريق السويس ولم أعد أقوى على التحرك فقررت الاعتزال نهائيا عام 1978 وقد وافقت مصر على طلبي واعتزلت.

mad
Admin

عدد المساهمات : 1501
تاريخ التسجيل : 19/08/2009

https://madworld.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى